قصص الحيوان فى القرآن الفيل المؤمن

قصص الحيوان فى القرآن الفيل المؤمن

قصص الحيوان فى القرآن الفيل المؤمن

أصدقائي نستكمل معكم سلسلة قصص الحيوان فى القرآن وقصة اليوم عن الفيل المؤمن نتمنى ان تنال رضاكم.

قصص الحيوان فى القرآن الفيل

الرحلة

قررت إدارة المدرسة عمل رحلة لزيارة حديقة الحيوان..

فرح أحمد بهذا الأمر وقرر الاشتراك في الرحلة.. فهي فرصة عظيمة بالنسبة له حتى يرى الفيل على حقيقته..

فهو يحب الأفيال ويقرأ عنها كثيرا .. ولكنه لم يشاهدها على الطبيعة من قبل..

وفي يوم الرحلة.. سأل أحمد عن مكان الفيل في الحديقة وذهب إليه..

ولأول مرة يجد أحمد نفسه أمام الفيل وجها لوجه .. ولم يكن أحد من زوار الحديقة متواجدا عند الفيل.. لذلك وجد أحمد الفرصة مناسبة ليمكث عند الفيل بمفرده..

واقترب أحمد من الفيل.. وجعل يتحسسه بيده .. وطلب من سائس الفيل أن يسمح له بالركوب فوق ظهر الفيل.. وأخذ يحدث الفيل عما قرأه عنه من معلومات..

وكأن الفيل قد شعر بأحاسيس أحمد ناحيته.. فأطلق خرطومه ناحية أحمد وأخذ يتحسسه بخرطومه..وأحمد في قمة السعادة..

وفجأة انطلق صوت الفيل قائلا: يبدو أنك ولد ظريف.. وتحب الأفيال.. فرح أحمد بكلام الفيل وقال: نعم يا صديقى الفيل..أعرفك بنفسي أولا .. فأنا اسمي أحمد .. وأنا أحب الأفيال جدا .. وأعرف عنها وعن كيفية حياتها الكثير والكثير..

قال الفيل: وهل تعرف شيئا عن أعظم قصة في تاريخ الأفيال؟

اندهش أحمد وقال: أعظم قصة في تاريخ الأفيال لابد أنها حكاية شائقة.. فهل تستطيع أن تحكيها لي أيها الفيل الطيب؟

قصة الفيل المؤمن

قال الفيل: إنها قصة الفيل الذي قدم به أبرهة الحبشى لهدم الكعبة..

قال أحمد: كل ما أعرفه أن الرسول صلى الله عليه وسلم ولد في عام يسمى عام الفيل .. ولكني لا أعرف تفاصيل القصة..

قال الفيل: كانت اليمن تابعة للنجاشي ملك الحبشة.. وقام والي اليمن أبرهة

الحبشي ببناء كنيسة عظيمة من الذهب حتى يحج إليها العرب بدلا من أن يحجوا إلى بيت الله الحرام.

قال أحمد: يا له من رجل أحمق.. أيظن أن الأمر بهذه السهولة.. الكعبة هي بيت الله الحرام بناها إبراهيم عليه السلام وولده إسماعيل بأمر الله .. وهي أول بيت لله في الأرض.. فكيف يترك الناس الحج إليها ويذهبون إلى كنيسة أبرهة؟

قال الفيل: لقد قابل العرب جميعا ما فعله أبرهة بالسخرية والاستهزاء.. وقيل: إن رجلا من العرب ذهب وأحدث في الكنيسة تحقيرا لها.

وإن بنى كنانة إحدى قبائل العرب قتلوا رسول أبرهة الذي جاء يطلب منهم الحج للكنيسة.

فقال أحمد: أظن أن هذه الأمور ستزيد من غضب أبرهة على العرب..

قال الفيل: هذا ما حدث بالفعل.. فقد عزم أبرهة على هدم الكعبة. وجهز

جيشا جرارا، ووضع في مقدمته أحد أجدادي من الفيلة.. وهو فيل مشهور عندهم في ذلك الوقت يقال: إن اسمه محمود ..

وكان جدى الفيل محمود معروفا بقوة جسمه بحيث لو مال بجسمه على أي بنيان لهدمه في الحال..

الفيل محمود

وكان جدى الفيل مدربنا على مثل هذه الأمور.. كما وضع أبرهة في الجيش عددا آخر من أجدادي الفيلة المدربة على مثل هذه الأمور.

قال أحمد: هذا اختبار صعب لأجدادك الفيلة ..أيها الفيل الصديق..

فقال الفيل: نعم يا أحمد.. لقد كان اختبارا صعبا جدا ..

فقال أحمد : ولكن ماذا فعل العرب لمواجهة هذا الجيش؟

فقال الفيل: عزمت العرب على قتال أبرهة.. وكان أول من خرج للقائه، رجلا من أشراف اليمن يقال له: ذو نفر.

دعا قومه فأجابوه، والتحموا بجيش أبرهة.

لكنه هزم وسيق أسيرا إلى أبرهة.

ثم خرج نفيل بن حبيب الخثعمي، وحارب أبرهة، فهزمهم أبرهة وأخذ نفيل أسيرا، وصار دليلا لجيش أبرهة حتى وصلوا للطائف.

فخرج رجال من ثقيف، وقالوا لأبرهة: إن الكعبة موجودة في مكة حتى لا يهدم صنم اللات الذي بنوه في الطائف، وأرسلوا مع الجيش رجلا منهم ليدلهم على الكعبة..

وكان اسم الرجل أبا رغال.

وشاء الله سبحانه أن يموت أبو رغال في الطريق.. فدفنوه في الطريق.. وكان من مر من العرب بعد ذلك يرجم هذا القبر..

فقال أحمد: إنها نهاية سيئة لرجل خائن ..

عبد المطلب وأبرهة

قال الفيل: وفي مكان بين الطائف ومكة، أرسل أبرهة كتبة من جنده ساقت له إبل قريش وأغنامها التي كانت في المراعي حول مكة ..

وكان من بين هذه الأموال مائتا بعير لعبد المطلب بن هاشم، كبير قريش وسيدها..

فقال أحمد: أظن أن أخذ هذه الأموال سيزيد من حرص العرب على مواجهة أبرهة.

قال الفيل: نعم يا أحمد..ولقد أرادت قريش وكنانة وهذيل وغيرهم من القبائل قتال أبرهة.. ولكنهم تراجعوا لما علموه من قوة جيش أبرهة وأدركوا أنهم لا طاقة لهم بقتاله..

فقال أحمد: يبدو أن أجدادك الأفيال كانت تلقي الرعب في قلوب الناس.. قال الفيل: هذا حقيقي يا أحمد .. وخاصة أن العرب لم تعتد رؤية الأفيال في الحروب من قبل..

فقال أحمد: وماذا حدث بعد ذلك؟

قال الفيل: بعث أبرهة رسولا إلى مكة يسأل عن سيد هذا البلد، ويبلغه أن الملك لم يأت لحربهم وإنما جاء لهدم هذا البيت، فإن لم يتعرضوا له فلا حاجة له في دمائهم .

فإذا كان سيد البلد لا يريد الحرب جاء به إلى الملك..

فلما أخبر رسول أبرهة عبد المطلب برسالة الملك، أجابه: والله ما نريد حربه وما لنا بذلك من طاقة.

هذا بيت الله الحرام وبيت خليله إبراهيم عليه السلام.. فإن يمنعه منه فهو بيته وحرمه، وإن يخل بينه وبينه فوالله ما عندنا دفع عنه.

فقال أحمد: كلام عبد المطلب يدل على أن العرب قد نفضوا أيديهم من قتال أبرهة.. وهذا أمر عجيب منهم..

فلم يكن عند العرب شيء يعتزون به أكثر من اعتزازهم بالكعبة..

للبيت رب يحميه

قال الفيل: اعلم يا أحمد أن الله – سبحانه وتعالى – لم يرد أن يكل حماية بيته إلى المشركين، ولو كانوا يعتزون بهذا البيت، ويحمونه ويحتمون به. فلما أراد أن يصونه ويحرسه ويعلن حمايته له وغيرته عليه ترك المشركين يهزمون أمام القوة المعتدية.. وتدخلت القدرة سافرة لتدفع عن بيت الله الحرام، حتى لا تكون للمشركين يد على بيته ولا سابقة في حمايته، بحميتهم الجاهلية..

فقال أحمد: هذه حكمة بالغة فعلا .. فماذا كان في الأمر بعد ذلك؟

قال الفيل: انطلق عبد المطلب مع رسول أبرهة لمقابلة الملك.

وكان عبد المطلب أوسم الناس وأجملهم وأعظمهم. فلما رآه أبرهة أجله وأعظمه، وأكرمه عن أن يجلسه تحته، وكره أن تراه الحبشة يجلس معه على سرير ملكه، فنزل أبرهة عن سريره، فجلس على بساطه واحد، وأجلس عبد المطلب معه إلى جانبه.

ثم قال لترجمانه: قل له: ما حاجتك؟

فقال: حاجتى أن يرد على الملك مائتي بعير أصابها لى.

فلما قال ذلك، قال أبرهة لترجمانه: قل له: قد كنت أعجبتني حين رأيتك، ثم زهدت فيك حين كلمتني أتكلمني في مائتي بعير أصبتها لك وتترك بيتا هو دينك ودين آبائك قد جئت لهدمه لا تكلمني فيه؟

قال له عبد المطلب: إني أنا رب الإبل. وإن للبيت ريما سيمنعه.

فاستكبر أبرهة وقال: ما كان ليمتنع مني.

قال عبد المطلب: أنت وذاك ..

فرد أبرهة على عبد المطلب إبله، ثم عاد عبد المطلب إلى قريش وأخبرهم بما حدث، وأمرهم بالخروج من مكة والبقاء في الجبال المحيطة بها.

ثم توجه ومعه رجال من قريش إلى الكعبة وأمسك حلقة بابها، وقاموا يدعون الله ويستنصرونه، ثم ذهب هو ومن معه للجبل.

فقال أحمد: يبدو أن أبرهة إنسان مستكبر حقا .. وكان لا بد أن يفهم من كلام عبد المطلب أن حربة الآن أصبحت مع الله رب العالمين.. وهو لا طاقة له بمحاربة الله..

انتقام الله تعالى

قال الفيل: لقد أعماه غروره واستكباره أن يرى الحق.. لذلك أمر أبرهة جيشه والفيل في مقدمته بدخول مكة..

وهنا جاءت اللحظة الحاسمة.. فقد برك جدى الفيل محمود ولم يتحرك.. وقد قيل: إن نفيل بن حبيب الذي خرج دليلا لجيش أبرهة اقترب من جدى الفيل ثم أخذ بأذنه فقال: ابرك محمود أو ارجع راشدا من حيث جئت، فإنك في بلد الله الحرام ثم أرسل أذنه ..

فلما سمع جدى الفيل كلامه برك في الحال..

فقال أحمد: هذا أمر عجيب وتصرف غريب من جدك الفيل .. فما الذي جعله يفعل ذلك؟

قال الفيل: لا بد أن تعرف يا أحمد أن كل مخلوقات الله سبحانه تعرف الله حق المعرفة وتطيعه وتستجيب لأمره ..

ولقد فعل جدی ما فعل بناء على أمر الله له .. وقد قال الرسول يوم فتح مكة: “إن الله قد حبس عن مكة الفيل، وسلط عليها رسوله والمؤمنين”.

الفيل المؤمن يرفض هدم الكعبة

فقال أحمد: وماذا فعل أبرهة أمام تصرف جدك الفيل؟

قال الفيل: لقد جن جنونه .. وأمر حراسه أن يضربوا الفيل.. ووخزوه بالسهام.. لكنه لم يقم من مكانه.

فوجهوه ناحية اليمن، فقام يهرول.. ثم وجهوه ناحية الشام، فتوجه.. ثم وجهوه جهة الشرق، فتحرك.. فوجهوه إلى مكة فبرك.. فجدى الفيل يستجيب لهم إذا وجهوه لأية ناحية غير مكة، فإذا ما وجهوه ناحية مكة فإنه لا يستجيب إلا لأمر الله.

فقال أحمد: الله أكبر..الفيل الضخم أقوى أسلحة أبرهة أصبح لا يأتمر بأمره .. إنما يأتمر بأمر الله خالقه وخالق كل شيء ..

قال الفيل: وفي هذه اللحظات الحاسمة امتلأت السماء بجماعات كثيرة من الطيور.. مع كل طائر منها ثلاثة أحجار: حجر في منقاره، وحجران في رجليه، أمثال الحمض والعدس، لا تصيب منهم أحدا إلا هلك. فتركتهم كأوراق الشجر الجافة الممزقة.. فهاج الجيش وماج..

وكل منهم يحاول الفرار.. وأخذوا يبحثون عن نفيل ليدلهم على الطريق إلى اليمن .. فقال نفيل حين رأى ما أنزل الله بهم من نقمته:

أين المفر والإله الطالب والأشرم المغلوب ليس الغالب

فقال أحمد: حقا .. وما يعلم جنود ربك إلا هو.. ولكن ماذا كان من مصير أبرهة؟

قال الفيل: لقد أصيب أبرهة في جسده، وخرجوا به معهم يتساقط لحمه قطعا صغيرة تلو الأخرى، حتى وصلوا إلى صنعاء، فما مات حتى انشق صدره عن قلبه..

فقال أحمد: أنا أرى من خلال ما حكيت لى من أحداث يا صديقى الفيل أن الله سبحانه لم يقدر لأبرهة وجنوده أن يحطموا البيت الحرام أو يسيطروا على الأرض المقدسة..

حتى والشرك يدنسه، والمشركون هم سدنته، ليبقى هذا البيت محررا من سلطان المتسلطين، مصونا من كيد الكائدين.. وسيظل هذا الأمر دائما هو شأن الله سبحانه مع بيته وحرمه..

آية للناس

قال الفيل: ولقد أصبح ما حدث لأبرهة وجيشه آية من آيات الله سبحانه .. وبقيت القصة ماثلة في أذهان العرب جميعا .. ولما نزل القرآن الكريم تحدث عن هذه القصة في سورة سماها سورة الفيل تكريما لجدى الفيل الذي امتثل لأمر الله سبحانه.. ولتكون القصة كذلك رادعا لكل من تسول له نفسه أن يمس بيت الله الحرام، أو مقدسات الله بأي سوء.. وتأكيدا لهذه المعاني شاء الله سبحانه أن يولد رسوله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم في هذا العام الذي شهد هذه المعجزة الكبرى..

فقال أحمد: أظن أن مولد الرسول الكريم في هذا العام له دلالة أخرى وهي أن ما حدث يعتبر إيذانا ببداية عهد جديد .. هذا العهد سيكون على يد المولود العظيم محمد صلى الله عليه وسلم.

قال الفيل: ولا تنس كذلك يا أحمد أن الله سبحانه امتن على قريش بهذا الحدث العظيم وعدها من أعظم نعمه عليهم، ولذلك قال الله سبحانه في سورة قريش والتي تأتي عقب سورة الفيل في المصحف الشريف:

(لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ (1) إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ (2) فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (4)) سورة قريش.

فقد كان لحادث الفيل أثر مضاعف في زيادة حرمة البيت عند العرب في جميع أنحاء الجزيرة وزيادة مكانة أهله وسدنته من قريش، مما ساعدهم على أن يسيروا في الأرض آمنين.. حيثما حلوا وجدوا الكرامة والرعاية.. وكفلت حرمة البيت لجيرانه الأمن والسلامة في حياتهم وتجاراتهم، وفتحت أمامهم أبواب الرزق..

فقال أحمد: شكر الله لك يا صديقي الفيل.. فلقد قضيت معك وقتا ممتعا أفدتني فيه كثيرا .. وسأظل دائما أذكرك وأذكر جدك الفيل محمود بكل خير.

اقرأ سلسلة قصص الحيوان في القرآن

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال