قصص الحيوان في القرآن الكلب الوفي

قصص الحيوان في القرآن الكلب الوفي


قصص الحيوان في القرآن الكلب الوفي

أصدقائي نستكمل معكم سلسلة قصص الحيوان فى القرآن وقصة اليوم عن بعنوان الكلب الوفي نتمنى أن تنال رضاكم.

رحلة إلى المزرعة

طلب أحمد من صديقه أسامة أن يرافقه في اليوم التالي إلى مزرعة الأسرة.. والاستمتاع بقضاء وقت جميل هناك.. فسعد أسامة بهذه الدعوة.. وشكر أحمد عليها ..

وفي صباح اليوم التالي سافر الصديقان إلى المزرعة.. وهناك على مدخل المزرعة رأی أسامة كلبا كبيرا .. ففزع أسامة من منظر الكلب..

فضحك أحمد وقال: لا تخف يا أسامة.. فهذا كلبنا .. وقد اشتراه والدي من فترة لحراسة المزرعة ..

اقترب الصديقان من الكلب.. وظهرت علامات الفرح والسرور على الكلب عندما رأى أحمد .. وأخذ يحرك ذيله..

فقال أسامة: يبدو أن الكلب يحبك يا أحمد ..

ضحك أحمد وقال بلا شك في ذلك يا أسامة.. فأنا اعتدت أن آتي إليه ببعض الأطعمة الخاصة كلما قدمت إلى المزرعة .. وهو يريد مني أن أقدمها له.. 

فقال أسامة : وهل أحضرت له أطعمة هذه المرة ..

قال أحمد : نعم يا أسامة .. وسوف أقدمها له بعد أن أفتح حقيبة السفر.. ونستريح قليلا ..

وفي وقت العصر.. خرج أحمد وصديقه أسامة من الاستراحة الموجودة بالمزرعة وجلسا تحت شجرة كبيرة أمام الاستراحة .. فاقترب الكلب منهما .. وهو يحرك ذيله .. ففتح أحمد علبة في يده ووضعها أمام الكلب.. فأقبل عليها الكلب يلتهمها بشراهة..

فنظر أسامة إلى أحمد وقال: لقد قرأت يا أحمد أن الإسلام يحرم اقتناء

الكلاب.. وأنا أعرف أنكم حريصون على الالتزام بأوامر الدين ونواهيه .. فأجاب أحمد : كلامك صحيح يا أسامة .. ولكن هناك حالات أجاز فيها الرسول صلى الله عليه وسلم اقتناء الكلاب..

فقال أسامة: وما هي هذه الحالات يا أحمد؟

قال أحمد : الاستخدام في الصيد وأعمال الحراسة عموما ..

ولقد اشترى أبي هذا الكلب لحراسة المزرعة كما ذكرت لك..

فقال أسامة: وهل تعرف شيئا يا أحمد عن حياة الكلاب وصفاتها ..

قال أحمد : لقد قرأت يا أسامة الكثير عن الكلاب.. وأفضل ما أعجبني في الكلاب هو وفاؤها النادر لأصحابها ..

ويحكى في هذا الأمر قصص عجيبة سوف أذكر لك شيئا منها في الأيام القادمة..

الكلب الوفي

وفي هذا الوقت.. كان الكلب يجلس قريبا من أحمد وأسامة وكأنه يستمع إلى حديثهما .. فقام الكلب من مكانه وقال: ولكنني عندي قصة في حياة الكلاب هي أعجب مما قرأته كله يا أحمد..

ضحك أحمد وقال: ظننتك نمت بعد تناول الوجبة الدسمة يا كلبي العزيز.. فما هي هذه القصة إذن؟

فقال الكلب: إنها قصة جدي الأكبر كلب أصحاب الكهف..

قال أسامة: يبدو أنها قصة مثيرة حقا.. من فضلك احك هذه القصة أيها الكلب.. فأنا أستمتع بسماع الحكايات..

فقال الكلب: منذ زمن بعيد .. وفي فترة قريبة من زمن نبي الله عيسى عليه السلام .. بدأت المسيحية تنتشر.. حتى وصلت أخبار عنها إلى مدينة من المدن القريبة من أرض فلسطين مهد المسيح عليه السلام.. فاعتنق مجموعة من الفتية من أهل هذه المدينة المسيحية.. وآمنوا بالله رب العالمين..

ولكن هؤلاء الفتية خافوا أن يجهروا بدعوتهم بين الناس..

قال أسامة: وما السبب في خوفهم من إظهار دينهم؟

أجاب الكلب: لقد كان هناك الكثيرون الذين يعارضون هذا الدين الجديد .. وخاصة ملك تلك المدينة التي كان منها هؤلاء الفتية..

الهجرة

ولذلك خاف الفتية على أنفسهم من تعرضهم للإيذاء والبطش من جانب الملك ومن جانب المعارضين لهذا الدين الجديد .. وخاصة أن أمر إيمانهم بدأ يشيع في المدينة.. ولذلك قرروا الابتعاد عن المدينة والهجرة إلى مكان آخر.. فأرض الله واسعة..

فقال أحمد: وهل حدد الفتية مكائا معينا يهاجرون إليه؟

قال الكلب: لا .. ولكنهم عزموا على الهجرة.. وجهزوا أنفسهم لهذا الأمر.. واجتمعوا في مكان ما لبدء رحلتهم..

قال أسامة: وكم كان عددهم؟

أجابهما الكلب: معرفة عدد أصحاب الكهف لا فائدة من ورائها .. وعلى أية حال العدد الأقرب إلى الصواب هو ستة ..

وبينما هم في طريقهم خارج حدود المدينة.. مروا براعي غنم.. فتحدثوا إلية.. فأنس بهم وأنسوا به..

وعلموا أنه آمن بالله مثلهم .. وهو يعيش خارج المدينة خوفا على دينه .. فأخبروه هم أيضا بإيمانهم.. فقرر أن يذهب معهم إلى حيث يذهبون .. وبذلك سار عددهم سبعة..

وكان بصحبة هذا الراعي المؤمن کلبه الذي يحرس له أغنامه .. فتبعهم الكلب ورفض أن يفارقهم..

فقال أحمد: يبدو أنه كان كلبا وفيا لصاحبه..

الكلب مع المؤمنين

قال الكلب: نعم.. ولقد كان الكلب يتبعهم في سيرهم حينا .. ويحيط بهم حينا.. ويسير أمامهم حينا آخر.. فكان لهم كالحافظ الأمين..

تساءل أسامة: وماذا فعل الفتية بعد ذلك؟

أجاب الكلب: أقبل عليهم الليل وهم في طريقهم .. فتوقفوا عند كهف في الطريق.. وقرروا أن يستريحوا فيه حتى يأتي عليهم النهار ويكملوا رحلتهم..

ودخل الفتية الكهف.. وجلس الكلب على باب الكهف.. وقد بسط ذراعيه أمامه .. وفتح عينيه وكأنه وحش يحمى أصحابه ..

وهنا حدث أمر عجيب وغريب.. فلقد حدثت لهم حالة تشبه الإغماء.. فناموا ..

فقال أحمد : هذا أمر عجيب حقا .. إنها حالة لا هي حياة كاملة.. ولا هي موت كامل…

قال الكلب: إنها قدرة الله الخارقة.. ولقد كانوا يتقلبون وهم على حالتهم هذه بحيث لا تأكل الأرض أجسادهم..

وهيأ الله سبحانه لهم موقعا عجيبا في الكهف بحيث تدخل الشمس عليهم باعتدال، فلا تنالهم بأشعتها، وتقرب منهم بضوئها .. فتحقق لهم النفع ولا تصيبهم بأذى..

قال أحمد: وهل أصاب الكلب ما أصابهم؟

أجابه الكلب: نعم يا أحمد .. فقد كان على نفس حالتهم.. وكان باسطا ذراعيه كأنه يحرسهم..

وقد كانوا جميعا في هيئتهم هذه يثيرون الرعب في قلب من يطلع عليهم.. إذ يراهم نياما كالأيقاظ.. يتقلبون ولا يستيقظون.. وذلك من تدبير الله کي لا يعبث بهم عابث.. حتى يحين الوقت المعلوم..

تساءل أسامة : ولكن ماذا حدث بعد ذلك؟

أجاب الكلب: وفجأة تدب فيهم الحياة .. فيستيقظون من حالتهم هذه .. لا يعرفون كم لبثوا في الكهف..

فقال أسامة: ربما كانوا يشعرون بآثار نوم طويل..

قال الكلب: نعم يا أسامة .. ولقد تساءلوا فيما بينهم عن المدة التي قضوها في النوم.. ولكنهم تركوا هذه المسألة التي لا طائل من وراء البحث فيها .. ودعوا أمرها لله، وهكذا ينبغي أن يكون شأن المؤمن في كل ما يعرض له مما يجهله.. وعليه أن يلتفت إلى الأمور العملية…

البحث عن الطعام

فقال أحمد : وما هو الأمر الذي التفت إليه الفتية بعد استيقاظهم أيها الكلب الفيلسوف؟

قال الكلب: عندما استيقظ الفتية من نومهم أحسوا بالجوع فطلبوا من أحدهم أن يأخذ معه بعض المال ويذهب إلى المدينة لشراء ما يحتاجون إليه من الطعام الطيب.. ونبهوا عليه أن يأخذ حذره جيدا بحيث لا يعرف حقيقته أحد من أهل المدينة وخاصة رجال الحاكم الظالم..

تساءل أحمد : ولكن ما هي المدة التي قضاها الفتية في الكهف وهم على هذه الحالة؟

أجابه الكلب: بالتوقيت الشمسي ثلاثمائة سنة.. وبالتوقيت القمرى ثلاثمائة سنة وتسع سنوات..

فقال أحمد: إنها مدة طويلة حقا .. ولا شك أن أمورا كثيرة حولهم قد تغيرت..

قال الكلب: لم يكن الفتية يدركون حقيقة المدة التي قضوها في الكهف.. ولكن حدث أمر عجيب لصاحبهم الذي ذهب إلى المدينة لشراء الطعام لهم..

فقد رأى أن معالم المدينة قد تغيرت كثيرا .. وأحوال الناس فيها قد تغيرت .. وأن الدنيا قد تبدلت، فلم يعد لشيء مما ينكره ولا لشيء مما يعرفه وجود ..

الغريب

ويبدو أن الناس في المدينة أيضا أحسوا بهذه المشاعر نحو هذا القادم الغريب.. وخاصة عندما أراد شراء بعض الأطعمة بالعملة التي كانت معه .. فقد كانت عملة قديمة مضى عليها عدة قرون..

فتجمع الناس عليه .. حاولوا أن يعرفوا منه حقيقته.. ودار بين الفتى ومن حوله من الناس حوارات وكلام.. وانتهت بأن رفعوا أمره إلى حاكم المدينة..

وبدأت تتضح خيوط الحقيقة.. فهذا الفتى لا بد أن يكون أحد الفتية الذين هربوا من هذه المدينة منذ سنوات بعيدة خوفا على أنفسهم من أن يلحقهم أذى أو بطش من حاكم المدينة الظالم..

تساءل أسامة: وهل كان الناس يعرفون شيئا عن هؤلاء الفتية؟

قال الكلب: نعم يا أسامة .. فلقد كان الناس يتناقلون فيما بينهم جيلا بعد جيل قصة الفتية الذين هربوا من المدينة حفاظا على دينهم..

وها هو أمر المدينة قد تغير.. وأصبح أهلها جميعا بمن فيهم الحاكم مؤمنين بالله ..

ولما أدرك الفتى حقيقة موقفه.. وحقيقة المدة التي قضاها هو وزملاؤه في الكهف فأسرع إليهم .. وحكى لهم عجائب ما رأى وما سمع..

وكان حاكم المدينة ومعه عدد كبير من الناس قد ساروا خلف هذا الفتى ليطلعوا على الأمر بأنفسهم..

المفاجأة

فقال أحمد: يا لها من مفاجأة كبيرة بالنسبة لهم!!

قال الكلب: إنها مفاجأة كبيرة حقا .. ولأجل ذلك فقد رحم الله تعالى هؤلاء الفتية وتوفاهم وترك قصتهم لتكون عبرة وعظة..

تساءل أسامة : وماذا حدث لكلبهم؟

أجابه الكلب: لقد أماته الله أيضا يا أسامة..

فقال أحمد : أظن أن العبرة الحقيقية من وراء هذه المعجزة الباهرة هي دلالة القصة على البعث بمثل واقعی محسوس .. يقرب إلى الناس قضية البعث.. فيعلموا أن وعد الله بالبعث حق.. وأن الساعة لا شك في وقوعها..

فقال أسامة: وهناك حكمة أخرى مهمة يا أحمد .. وهي أن الله سبحانه يحفظ أولياءه كيفما شاء وبما شاء.. ويفيض عليهم رحمته وكرمه .. ويدبر لهم أمرهم..

قال أحمد: صدقت يا أسامة .. ولقد كان أصحاب الكهف مدركين لهذا الأمر جيدا منذ أول لحظة عندما سألوا الله سبحانه قائلين: (ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا).

تساءل أسامة: ولكن هل أدرك أهل المدينة هذه العبر النافعة من وراء هذه القصة..

قال الكلب: لا شك في ذلك يا أسامة.. ولقد أراد أهل المدينة أن يصنعوا شيئا يخلدون به أصحاب هذه القصة ويحفظون ذكراهم للأجيال.. فاقترح بعضهم إقامة بنيان كبير عليهم.. واقترح آخرون بناء مسجد .. واستقر الأمر على هذا الرأي الأخير لأنه كان رأي أصحاب السلطة.

فقال أحمد : أشكرك جدا يا كلبي العزيز على هذه القصة الممتعة والمفيدة.. قال الكلب: لقد ذكرتها لك يا أحمد أنت وصديقك أسامة شكرا وتقديرا على الأكلة الجميلة التي أتيت بها معك.. فقد كنت أشعر بجوع شديد كالجوع الذي شعر به جدي الأكبر كلب أصحاب الكهف عندما استيقظ من نومه بعد أكثر من ثلاثمائة سنة.

اقرأ سلسلة قصص الحيوان في القرآن

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال