قصص الحيوان في القرآن الحمار العجيب

قصص الحيوان في القرآن الحمار العجيب

قصص الحيوان في القرآن الحمار العجيب

أصدقائي نستكمل معكم سلسلة قصص الحيوان فى القرآن وقصة اليوم عن بعنوان الحمار العجيب نتمنى أن تنال رضاكم.

رحلة اجازة الصيف

في الإجازة الصيفية، سافر أحمد مع والده إلى القرية لزيارة عمه الذي كان يسكن هناك..

وذات يوم، ذهب أحمد مع ابن عمه أسامة لزيارة الحقول والاستمتاع بمنظرها الجميل، وخضرتها الرائعة..

وجلس أحمد مع أسامة في ظل شجرة التوت الكبيرة الموجودة في جرن الحقل يتبادلان الحديث..

وكان قريبا منهما بقرة وجاموسة وبعض أغنام وحمار..

أخذ أسامة يحدث أحمد عن فوائد هذه الماشية والحيوانات بالنسبة لهم في القرية..

وعندما جاء الحديث عن الحمار وفوائده بالنسبة للفلاح في القرية أخذ الحمار ينهق بصوت عال…

فضحك أحمد وقال: يبدو أن الحمار يعرف أننا نتحدث عنه الآن.. وربما يرحب بوجودی بینکم..

ضحك أسامة وقال: إنه هكذا دائما .. يزعجنا بصوته طوال اليوم…

قال أحمد: ربما يكون معجبا بصوته.. ألا يفهم هذا الحمار أن صوته من أنكر أصوات الحيوانات.. ولقد شبه الله سبحانه الإنسان الذي يرفع صوته عاليا دون حاجة بصوت الحمار فقال: (واقصد في مشيك واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات الصوت الحمير) (لقمان:۱۹).

فقال أسامة: لقد سمعت مدرس التربية الدينية في المدرسة وهو يقول: يجب على المسلم أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم إذا سمع نهيق الحمار.. فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: “إذا سمعتم صياح الديكة فاسألوا الله من فضله فإنها رأت ملكا، وإذا سمعتم نهيق الحمار فتعوذوا بالله من الشيطان فإنه رأى شيطانا”.

ضحك أحمد وقال: إذا لم يكن الحمار يرحب بي عندما أطلق هذا النهيق الشديد ..

الحمار والاصدقاء

فقال أسامة: إنه لا يفهم شيئا .. كل مهمته في الحقل أن يركبه أحدنا لقضاء بعض المصالح، أو نحمل عليه ما نريد توصيله إلى البيت..

وهو لا يهتم بما هو فوق ظهره ولا يفرق بين أن يحمل فاكهة أو طينا.. فقال أسامة: نعم يا أحمد هذه حقيقة .. ولذلك شبه القرآن الكريم اليهود الذين لم يعملوا بما جاء في التوراة التي أنزلها الله عليهم بالحمار الذي يحمل فوق ظهره الكتب المفيدة النافعة الممتلئة بالعلم ولا يدري ما بداخلها..

والله سبحانه يقول في ذلك: (مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله والله لا يهدي القوم الظالمين) (الجمعة:5).

وفجأة في هذه اللحظة .. سمع أحمد وأسامة نهيقا شديدا يصدر من الحمار.. ثم التفت الحمار إلى أحمد وأسامة وقال: أراكما تتحدثان عني ولا تذكران شيئا من محاسنى..

تعجب أحمد وأسامة من كلام الحمار وقالا: وأي محاسن لك تريد أن نذكرها أيها الحمار العجيب؟

قال الحمار: إذا كان نهيقى منكرا فهكذا خلقني الله سبحانه ..

وإذا كنت لا أفهم أي شيء عن حقيقة ما أحمله فوق ظهري .. فلقد خلقني الله سبحانه لأداء هذه المهمة بأن يركب الناس فوق ظهري ويحملوا على ظهرى ما يريدون من حاجاتهم..

فقد ذللني الله لحاجة الإنسان ليستمتع بى وينتفع بإمكاناتي..

والله سبحانه وتعالى يقول: (والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون) (النحل:8) ..

فقال أحمد: عندك حق أيها الحمار العجيب..

حكاية الحمار العجيب

قال الحمار: أراك يا أحمد تصفني بأنني حمار عجيب.. والأعجب مني هو جدي الأكبر، حمار الرجل الذي مر على القرية..

فقال أسامة: هل تستطيع أن تحكى لنا أيها الحمار قصة جدك الحمار هذه..

قال الحمار: نعم يا أسامة .. إننا معشر الحمير نعتبر هذه القصة التي حدثت لجدنا الحمار فخرا لنا، لأنها آية من آيات الله وعجائب قدرته.

فقال أحمد: أراك فخورا بجدك أيها الحمار.. فهيا أسمعنا ما عندك.

قال الحمار: منذ زمن بعيد، مر رجل من الصالحين وربما كان هذا الرجل هو نبي الله عزير عليه السلام على قرية خربة، وكان ذلك في وقت الظهيرة، والحر شديد، فنزل الرجل عن حماره، ومعه سلة فيها تين، وسلة فيها عنب..

وجلس الرجل في مكان ظليل، وأخرج قصعة كانت معه، فاعتصر العنب الذي كان معه في القصعة، ثم أخرج خبرا يابسا معه فألقاه في العصير ليبتل ليأكله..

ثم استلقى الرجل على ظهره ليستريح بعض الوقت.. وأسند رجليه إلى الحائط..

فوقعت عينه على سقف تلك البيوت، ورأى ما فيها وهي محطمة على قواعدها، وقد هلك أهلها..

ورأى الرجل آثارا لعظام بالية قديمة..

فتعجب الرجل من آثار الموت الذي أصاب هذه القرية .. والتي لا شك كانت في يوم من الأيام قرية تنبض بالحياة والحركة.. وها هي اليوم خاوية صامتة ليس فيها أية حياة.. 

فقال الرجل: كيف يحيى هذه الله بعد موتها؟

تساءل أسامة: وهل كان هذا الرجل الذي مر على القرية ينكر حقيقة البعث والنشور؟

أجابه الحمار: لا يا أسامة .. الرجل يريد أن يعرف الكيفية..

والسؤال عن الكيفية معناه التيقن من الحدث..

قدرة الله تعالى

فالرجل لم يكن يشك في قضية الإحياء من الله .. ولكنه عاشق ومشتاق لأن يعرف الكيفية ليعيش في جو الإبداع الجمالي الذي أنشأ هذه الصنعة..

لقد كانت مشاهد الخراب والدمار الموجودة في القرية شديدة.. فجعلت الرجل يتساءل: كيف تدب الحياة في هذا الموات؟

فتساءل أسامة: يا ترى ماذا حدث بعد ذلك؟

أجابه الحمار: حدث أمر عجيب يا أسامة.. فقد أراد الله سبحانه وتعالى أن تكون الإجابة تجربة «معاشة» في ذات السائل..

لذلك قال تعالى: فأماته الله مائة عام ثم بعثه..

فقال أسامة: هذا أمر عجيب حقا .. الرجل يموت لمدة مائة سنة ثم يعود للحياة مرة أخرى..

ولكن ما علاقة ذلك بسؤال الرجل عن كيفية عودة الحياة للقرية؟

كان من الممكن أن يعيد الله سبحانه الحياة للقرية ..

حكاية الحمار العجيب

قال أحمد: هذه حكمة عظيمة من الله لنا يريد أن يعلمنا أن هناك أمورا ينبغي ألا تعالج بالبرهان العقلى.. ولا حتى بالمنطق الشعوری .. ولا تعالج كذلك بالواقع العام الذي يراه الإنسان.. وإنما يكون العلاج بالتجربة الشخصية الذاتية المباشرة.. الذي يمتلئ بها الحس.. ويطمئن بها القلب دون كلام..

وهنا قال الحمار: صدقت يا أحمد .. وهذا هو حقيقة ما حدث للرجل..

فقد سأله الله سبحانه: كم لبثت؟

فأجاب الرجل: لبثت يوما أو بعض يوم..

فقال أحمد: يبدو أن الرجل تشكك في المدة التي قضاها منذ أن مات إلى أن عادت إليه الحياة ..

قال الحمار: لقد عادت الحياة للرجل قبيل غروب الشمس.. وكان قد أوي إلى هذا المكان في فترة الظهيرة ..

وعلى هذا الأساس تكون إجابته منطقية ومعقولة .. فربما أمضى يوما كاملا أو بعض يوم..

معجزة من الله

فقال أحمد: وربما لم يجد الرجل أية تغيرات فيه تجعله يدرك ما حدث له.. كما أن الإحساس بالزمن لا يكون إلا مع الحياة والوعي.. والحس الإنساني ليس هو المقياس الدقيق للحقيقة.. فهو يخدع ويضل.. فيرى الزمن الطويل المديد قصيرا لأمر طارئ.. كما يرى اللحظة القصيرة الصغيرة دهرا طويلا لأمر طارئ كذلك..

قال الحمار: وهنا جاءه جواب الحق سبحانه: بل لبثت مائة عام..

فقال أسامة: لقد أصبح الأمر لغزا .. فالحق سبحانه صادق ومنتزه .. والرجل المؤمن صادق في حدود ما رأى من أحواله..

قال الحمار: لا تنس يا أسامة الأشياء التي كانت مع الرجل، چدى الحمار.. والطعام المكون من عصير العنب والتين.. فهذه الأشياء هي الأبطال الحقيقية في هذه القصة..

تساءل أحمد: وكيف ذلك أيها الحمار؟

فأجابه الحمار: لقد أمر الله سبحانه الرجل أن ينظر إلى طعامه وشرابه أولا..

فلما نظر الرجل إلى طعامه وشرابه وجده كما هو سليما لم يصبه التعفن أو الفساد .. فحالة الطعام إذن تتفق مع تصور الرجل عن المدة التي قضاها ميتا..

حكاية الحمار العجيب

فقال أحمد: وماذا عن جدك الحمار؟

قال الحمار: هنا حقيقة المعجزة.. فالله سبحانه وتعالى أمر الرجل أن ينظر إلى حماره..

فتطلع الرجل ببصره حوله فلم يجد حماره حيا وإنما كان عبارة عن عظام بالية مبعثرة..

وهذه الصورة التي كان عليها الحمار لا يمكن أن تحدث في يوم أو بعض يوم..

فموت الحمار قد يحدث في يوم أو بعض يوم .. لكن أن يبلى جسمه ثم ينتهي إلى رماد فتلك قضية تريد زمانا طويلا لا يتسع له إلا مائة عام.. وهذا هو الدليل على صدق مرور مائة عام..

فقال أحمد: يا لها من مفارقة عجيبة.. هذا الاختلاف في المصائر والجميع في مكان واحد .. ومعرضون لمؤثرات جوية وبيئية واحدة ..

الرجل لم يصبه شيء.. وكذلك طعامه .. والحمار أصبح عظاما بالية..

قال أسامة: إنها حقا قدرة الله سبحانه التي لا يعجزها شيء.. والتي تتصرف مطلقة من كل قيد.. طلاقتها من التقيد الذي نحسبه نحن قانونا كليا لازما ملزما لا سبيل إلى مخالفته أو الاستثناء منه..

عودة الحياة للحمار

تساءل أحمد: وهل انتهت القصة على ذلك؟

أجابه الحمار: لا يا أحمد لم تنته القصة بعد .. فقد حدث بعد ذلك مشهد مهيب جليل.. فقد أمر الله سبحانه بعودة الحياة إلى الحمار ..

وتعلق بصر الرجل بحماره .. حيث رأى كل عظمة في حماره وهي ترفع من الأرض..

وشاهد كل عظمة تركب مكانها .. وبعد تكوين الهيكل العظمى للحمار بدأت رحلة كسوة العظام لحما وبعد ذلك تأتي الحياة ..

ويطلق جدي الحمار نهيقا عاليا إيذانا ببداية حياة جديدة له ..

ضحك أحمد وقال: هذه أول مرة في تاريخ الحمير يكون لنهيقها فائدة..

فقال أسامة: إن هذه القصة تعلمنا أن نتعلق بالله مباشرة .. فالله فعال لما يريد..

قال الحمار: نعم يا أسامة وهذا ما قاله الرجل عندما عاين بنفسه وشاهد حقيقة الموت والحياة، فقد قال: أعلم أن الله على كل شيء قدير..

قال أحمد: إنني أتخيل الآن موقف هذا الرجل عندما يعود إلى قريته بعد أن غاب عنهم هذه الفترة الطويلة.

فلا شك أنه سيكون لقاء فريدا ..

غياب مائة عام

فقال أسامة: إن مرور مائة سنة من عمر أية أمة تكون مليئة بالتغيرات والأحداث الجديدة.. وربما لن يجد الرجل من يذكره..

ضحك الحمار وقال: إن من قالوا إن هذا الرجل الذي مر على القرية هو نبی الله عزير عليه السلام يذكرون أنه لما عادت إليه الحياة ومعه جدي الحمار عاد إلى قريته فوجد أمرها قد تغير بما يتناسب مع مرور مائة عام..

وكان في تلك القرية امرأة خادمة لهم، وكانت هذه المرأة قد كبر سنها وأصابها العمى وأصابها الشلل وأصبحت مقعدة..

فلما دخل عليها العزير، وقال لها: أنا العزير..

قالت المرأة: ذهب العزير من مائة عام ولا ندري أين ذهب ولم يعد ..

قال: أنا العزير.

فقالت المرأة: إن للعزير علامة هي أنه مجاب الدعوة فادع الله أن يرد على بصری وأن يخرجني من قعودى هذا ..

وهنا قال أحمد: يا سبحان الله .. الإنسان لا ينسى نفسه أبدا .. ولابد أن يستفيد من كل المواقف.

قال الحمار: فدعا العزير الله سبحانه، فبرئت المرأة .. فلما برئت نظرت إليه فوجدته هو العزير.. فذهبت إلى قومها وأعلنت أن العزير قد عاد ..

لقاء العزير مع ابنه

وبعد ذلك ذهب العزير إلى ابنه فوجده قد تجاوز مائة سنة..

وكان الغزير لا يزال شابا في الخمسين من عمره في نفس عمره الذي أماته الله فيه ثم أحياه في عمره نفسه بعد مائة عام..

تساءل أسامة: وهل صدق الابن أن هذا هو أبوه؟

أجاب الحمار: لقد قال الابن: كنت أسمع أن لأبي علامة بين كتفيه تشبه الهلال..

فلما کشف العزير بين كتفيه وجد الابن العلامة، وتثبت أهل القرية من صدق العزير..

وهكذا جعل الله سبحانه هذه القصة آية للناس..

قال أحمد: إنها قصة رائعة حقا ومفيدة.. وأنا أشكرك أيها الحمار العجيب فقد أمتعتني بحكاية جدك.

اقرأ سلسلة قصص الحيوان في القرآن

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال