قصص الحيوان فى القرآن البقرة الذهبية

قصص الحيوان فى القرآن البقرة الذهبية

قصص الحيوان فى القرآن البقرة الذهبية

أصدقائي نستكمل معكم سلسلة قصص الحيوان فى القرآن وقصة اليوم عن البقرة الذهبية نتمنى ان تنال رضاكم.

أنا بقرة صفراء اللون، جميلة المنظر، أعيش مع بعض الحيوانات في حقل صاحبي ..

وذات يوم كان صاحبي يجلس مع ابنه الصغير تحت شجرة كبيرة في الحقل ليستريح من تعب العمل فترة من الوقت.. فكنت ألعب حولهما وأجرى وألعب..

فنظر إلى الابن الصغير وقال لأبيه: بقرتنا هذه جميلة المنظر واللون يا أبي..

فقال الأب: نعم يا بني، ولكنها ليست أجمل من بقرة بني إسرائيل التي تحدث عنها القرآن الكريم.

قال الابن: وما هي بقرة بني إسرائيل يا أبي؟

فقال الأب: سوف أحكي لك قصتها بعد أن أفرغ من عملي..

وانصرف الأب ليكمل عمله في الحقل وترك ابنه يلعب حولى..

فاقترب مني الولد الصغير وجعل يضع يده على جسدي وهو معجب بي.. فنظرت إليه وقلت له: هل تريد أن أحكي لك قصة جدتي بقرة بني إسرائيل؟

فتعجب الابن من كلامي وقال: وهل تعرفين القصة؟

بقرة بنى اسرائيل

فقلت له: إنها قصة جدتي كما أنها مذكورة في القرآن الكريم فكيف لا أعرفها؟

فقال الولد: من فضلك يا بقرتي الجميلة احكى لى قصة جدتك..

وجلس الابن الصغير أمامي وبدأت أحكى له القصة قائلة: في قديم الزمان.. كان بنو إسرائيل يسكنون مصر، وكان نبيهم موسی کلیم الله عليه السلام..

وكان الله سبحانه قد أنعم على بني إسرائيل بنعم كثيرة، وفضلهم على غيرهم من زراعة الأمم التي في عصرهم، فقد أنجاهم الله سبحانه من فرعون وجنوده الذين كانوا يذيقونهم ألوان العذاب، وكانت نجاتهم من فرعون عبرة وعظة، فقد رأوا بأعينهم البحر ينفلق ويصبح أمامهم طريقا يبسا ممهدا فعبروا من خلاله إلى الشاطئ الآخر، ولما حاول فرعون وجنوده اللحاق بهم انطبق البحر عليهم وغرقوا جميعا ..

وساق الله لهم الغمام يظللهم من حر الشمس ولهيبها في الصحراء، وسخر الله لهم المن يجدونه على الأشجار حلوا كالعسل، وسخر لهم السلوى وهو طائر السمان يجدونه بوفرة قريب المنال، وبهذا توافر لهم الطعام الجيد والمقام المريح…

وسقاهم الله بخارقة من الخوارق ومعجزة من المعجزات التي أجراها الله على يدي نبيه موسى عليه السلام؛ إذ نبع الماء من الحجر لما ضربه موسى بعصاه، وتفجر منه الماء عذبا نقيا ..

نعم الله كثيرة

فقال الولد الصغير للبقرة: يا لها من نعم كثيرة وعظيمة تستحق الشكر الدائم لله رب العالمين..

قالت البقرة: كلامك صحيح ولكن الناظر في تاريخ بني إسرائيل ليأخذه العجب من فيض الآلاء التي أفاضها الله عليهم، ومن الجحود العجيب المتكرر الذي قابلوا به هذا السيل من النعم، فقد قالوا لموسى: لقد سئمنا من طعامنا وشرابنا ..

سئموا من المن الذي يشبه العسل في حلاوته ومن السلوى ذات الطعم الجميل.. وطلبوا من موسى أن يدعو الله أن يخرج لهم هي من نبات الأرض أصنافا أخرى مثل العدس والبصل والثوم والقثاء..

فتعجب موسى من أمرهم، يسئمون من الطيب الجميل، ويطلبون الأقل والأدنى..

وفي الوقت الذي كانت معجزة نجاتهم من فرعون ماثلة أمام أعينهم يمرون في طريقهم على قوم يعبدون الأصنام فطلبوا من موسى عليه السلام أن يجعل لهم آلهة يعبدونها مثل هذه الأصنام.. فالوثنية في دمهم .. ألم يعبدوا العجل يوما ما عندما.

ذهب موسى ليكلم ربه؟ ووصلت بهم الجرأة إلى أن يطلبوا من موسى أن يريهم الله جهرة .. فأنزل الله بهم الصاعقة ثم عفا عنهم.. لقد رأوا في حياتهم عجائب الآيات ودلائل كثيرة على قدرة الله سبحانه .. مما جعل حياتهم كلها قصصا مليئة بالعبر والعظات..

قال الولد الصغير: وما سبب هذا الجحود ونكران النعم؟

قالت البقرة: السبب في ذلك طبيعتهم الجاحدة ونفوسهم الممتلئة بالشر.. التي تماطل وتكذب.. فهم لا يسارعون أبدا إلى تنفيذ أوامر الله، فإذا قال الله لهم: اسمعوا وأطيعوا ، قال: سمعنا وعصينا. وإذا أمرهم الله أن يوفوا بعهدهم ويحسنوا إيمانهم نقضوا عهد الله وميثاقه..

قال الولد الصغير: وماذا كان يفعل نبي الله موسى معهم؟

صبر موسى عليه السلام على بنى اسرائيل

قالت البقرة: لقد صبر عليهم نبي الله موسى كثيرا، وكان يدعو الله كثيرا أن يؤيده بآيات من عنده لعل قومه يعتبرون أو يعقلون.. ولكن نفوسهم التي امتلأت شرا جعلتهم لا يتورعون عن معصية ولا يخافون من ذنب.. وقصتهم مع جدتي البقرة تؤكد حقيقة نفوسهم..

قال الولد الصغير: نعم يا صديقتي البقرة .. احكى لى قصة جدتك، فلقد تشوقت نفسى إلى سماعها ..

قالت البقرة: ذات مرة، حدث في بني إسرائيل أمر غريب وعجيب، فقد كان فيهم رجل له مال كثير، وكان عقيما ليس له ولد، وكان ابن أخيه هو وارثه الوحيد، فلم يصبر هذا الشاب حتى يموت عمه ويرث أمواله، فدبر حيلة لقتله بحيث لا يشعر أحد أنه هو القاتل، ونفذ الشاب ما عزم عليه وقتل عمه..

وفي الليل، حمل الشاب عمه على كتفه وذهب به عند بيت رجل من القوم ووضع القتيل على باب داره ..

وفي الصباح فوجئ صاحب الدار بقتيل أمام بيته.. وسرعان ما كان الفتى قد أشاع أن هذا الرجل قتل عمه، فأسرع الناس جميعا إلى بيت الرجل فوجدوا القتيل أمام باب الدار فاتهموه بالقتل..

وحدثت فتنة كبيرة بين القوم .. واقتتل قوم القتيل مع قوم صاحب الدار الذي كان القتيل أمام بيته.

فلما رأى أصحاب الرأي والعقول السديدة أن الأمر صار فتنة عظيمة قالوا: علام يقتل بعضكم بعضا وهذا رسول الله فيكم..

من القاتل؟

فذهبوا إلى موسى عليه السلام وطلبوا منه أن يسأل الله سبحانه أن يبين لهم من قاتل هذا الرجل..

فتوجه موسى عليه السلام إلى ربه بالدعاء أن يكشف له حقيقة الأمر ويظهر القاتل الحقيقي أمام القوم لعلهم يعتبرون ..

فأوحى الله سبحانه إلى موسى أن يأمر قومه أن يذبحوا بقرة..

وهنا كانت المفاجأة ..

الجميع أمام حادثة قتل.. الجاني فيها غير معروف.. وكل فريق يدرأ عن نفسه التهمة ويلحقها بغيره، ويطلبون من نبيهم أن يدعو الله ليكشف لهم عن القاتل الحقيقي فيأتي الأمر بذبح بقرة..

قال الولد الصغير: هذا أمر سهل وبسيط .. وما دام هذا أمرا من الله فلا داعي للعجب فهو سبحانه يعلم ما يريد..

قالت البقرة: كلامك صحيح.. ولكن لا تنس أنهم بنو إسرائيل.. فقد أخذوا يتساءلون فيما بينهم.. ما علاقة ذلك بقصتهم؟

وما الحكمة من ذبح بقرة في هذا التوقيت بالذات؟

أسئلة كثيرة كانت تدور برءوسهم عندما سمعوا ذلك من موسى..

وكان الأولى بهم ألا يتركوا هذه الأسئلة تملأ عقولهم وتفكيرهم ويسارعوا إلى تنفيذ أمر الله سبحانه ..

ولكن أيمر الأمر هكذا على بني إسرائيل دون جدال ومماطلة وتلكؤ.. إنهم لم ينفذوا أمرا لله في الحال أبدا ..

سوء أدب بنى اسرائيل

وهكذا أراد الله سبحانه أن يكشف لهم حقيقة نفوسهم، ومدى انقطاع الصلة بين قلوبهم ونبع الإيمان بالغيب والثقة بالله والاستعداد لتصديق ما يأتيهم به الرسل، ثم التلكؤ في الاستجابة للتكاليف، وتلمس الحجج والمعاذير، والسخرية المنبعثة من جمود القلب وسلاطة اللسان، فلاشك أن موسى هو نبيهم وزعيمهم وهو يخبرهم أن هذا الأمر من الله وليس منه، فكان جوابهم عليه سفاهة وسوء أدب واتهاما له بأنه يهزأ بهم ويسخر منهم..

وقالوا: نسألك عن القتيل ومن قتله فتقول: اذبحوا بقرة.

ولكن موسى عليه السلام يتعجب منهم ويبين لهم أن السخرية والاستهزاء ليسا من طباعه ..

كما أن الموقف لا يحتمل سخرية ولا استهزاء، فبينهم قتيل يريد الناس معرفة قاتله .. والفتنة مشتعلة بين القوم.. كما أنه ذكر لهم في بداية كلامه أن هذا الذي يطلبه منهم أمر من الله .. فالله هو الذي أمر.. وهل من المعقول أن يتقول نبي الله على ربه..

لقد تعجب موسی عجبا شديدا من رد فعلهم ولم يتحمل تلكؤهم واستعاذ بالله سبحانه أن يكون من المتجرئين عليه ..

فقال: أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين.. فموسى عليه السلام يبرئ نفسه مما حاول بنو إسرائيل أن يصفوه به من الاستهزاء والافتراء على الله..

وفي الوقت نفسه ينبههم إلى أن يسارعوا إلى تنفيذ أمر الله وألا يسخروا بأوامره، لأنهم لو فعلوا ذلك لكانوا هم الجاهلين..

فقال الولد الصغير: أظنهم بعد هذا الكلام من نبيهم سوف يسارعون إلى تنفيذ أمر الله ..

مماطلة بنى اسرائيل

ضحكت البقرة وقالت: لا يا عزيزي .. هذا منطق العقلاء الأسوياء.. ولكن بني إسرائيل عندما يئسوا من أن يشككوا في أن يكون طلب موسى منهم أن يذبحوا بقرة أمرا من عند الله حاولوا أن يماطلوا في تنفيذ الأمر الإلهي من طريق آخر فقالوا لموسى: ادع الله أن يبين لنا ماهية البقرة وأن يذكر لنا بعض أوصافها ..

قال الولد الصغير: عجيب حقا أمر هؤلاء الناس.. إنهم بذلك يشددون على أنفسهم..

قالت البقرة: نعم .. لقد سار بنو إسرائيل في طريق التشديد على أنفسهم.. وسيبدءون رحلة جديدة من كثرة الأسئلة والاستفسارات التي تسير بالإنسان في النهاية إلى التضييق والتشديد وصعوبة تحقيق المطلوب.. فأخبر موسى القوم بأن الله سبحانه يطلب منهم أن يذبحوا بقرة ليست كبيرة في السن وليست صغيرة وإنما هي وسط بين ذلك ..

ما زال الأمر حتى هذه اللحظة في حدود المتاح السهل.. فليس من العسير عليهم أن يجدوا بقرة متوسطة العمر ويذبحوها وينفذوا أمر الله..

ولكن هيهات هيهات.. إنهم بنو إسرائيل أكثر خلق الله مماطلة وتلكؤا .. فطلبوا من موسى أمرا آخر أشد عجبا، وهو أن يبين لهم ما هو لون البقرة المطلوب ذبحها ..

ضحك الولد الصغير وقال: يا سبحان الله .. لون البقرة .. أو ألوان البقر من الكثرة التي تجعل الأمر يختلط على بني إسرائيل..

عقاب الله لبنى اسرائيل

قالت البقرة: ولأجل هذه المماطلة شدد الله عليهم أكثر، فذكر لهم موسى أن البقرة المطلوب ذبحها لا بد أن يكون لونها أصفر نقيا يسر كل من رآه ويجعله يعجب به..

قال الولد الصغير: قد يكون الحصول على البقرة ما زال في حدود المتاح وإن كان قليلا بعض الشيء..

قالت البقرة: نعم.. ولكن بني إسرائيل لم يقنعوا بهذه الأوصاف فريما يشترك فيها كثير من البقر ولأجل ذلك طلبوا تحديدا أكثر وأكثر للبقرة المراد ذبحها ..

عندئذ أخبرهم الله سبحانه على لسان نبيه موسى بأوصاف جديدة للبقرة أكثر تشددا وحصرا .. فلا بد أن تكون البقرة غير مذللة للعمل، ولا تعمل في الحرث، وهذا الشرط لا ينطبق إلا على البقر البري الذي لا يعمل في الزراعة أو الحرث، ولابد أن تكون البقرة كذلك خالية من العيوب وليس فيها أي بياض.

عند ذلك صارت أوصاف البقرة المطلوبة محددة جدا .. وفي الوقت نفسه ضاقت فرص الحصول عليها ..

وخلاصة القول: إن بني إسرائيل شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم، ولكنهم سوف يجدون البقرة لأنهم في أثناء حديثهم مع موسى وعند سؤالهم المزيد من أوصاف البقرة قالوا كلمة طيبة كان لها أثرها في أن يوفقهم الله إلى الحصول على البقرة المطلوبة: و قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي إن البقر تشابه علينا وإنا إن شاء الله المهتدون.

البحث عن البقرة الذهبية

قال الولد الصغير: يا ترى كيف حصل بنو إسرائيل على هذه البقرة؟

قالت البقرة: لقد ورد في كيفية حصول بني إسرائيل على البقرة عدة روايات كل منها أعجب من الأخرى، ومن هذه الروايات: إنهم لم يجدوا البقرة التي نعتت لهم إلا عند امرأة عجوز وعندها يتامى ترعاهم وتقوم على أمرهم، فلما علمت المرأة العجوز أن البقرة التي تملكها هي التي يبحث عنها بنو إسرائيل أضعفت عليهم الثمن، فأتوا موسى فأخبروه أنهم لم يجدوا هذا النعت إلا عند فلانة وأنها سألت أضعاف ثمنها .

فقال موسى: إن الله قد خفف عليكم فشددتم على أنفسكم فأعطوها رضاها وحكمها ففعلوا واشتروها.

قال الولد الصغير: هذا كلام جميل يا صديقتي البقرة .. جعل الله ثمن البقرة جزاء حسنا للمرأة التي كانت ترعى اليتامى وتحسن إليهم وتنفق عليهم.

قالت البقرة: أحسنت أيها الصغير.. وبارك الله لك في فهمك وعقلك..

قال الولد الصغير: ولكن ماذا فعل بنو إسرائيل بالبقرة لما حصلوا عليها؟ قالت البقرة: لقد ذهبوا بها إلى موسى وذبحوها تنفيذا لأمر الله سبحانه.. وعندئذ وبعد تنفيذ أمر الله والنهوض بالتكليف كشف الله لهم عن الغاية من الأمر والتكليف والحكمة من ذبح البقرة..

لقد أراد الله سبحانه أن يظهر الحق على لسان القتيل ذاته ..

وكان ذبح البقرة وسيلة إلى إحيائه.. فقد ضرب بشيء من جسد تلك البقرة المذبوحة فعادت الحياة للقتيل في الحال ليخبر بنفسه عن قاتله.. ويقول: القاتل ابن أخي، وبذلك يكشف عن الريب والشكوك التي أحاطت بمقتله وليحق الحق ويبطل الباطل..

ويقتل ابن الأخ جزاء ما ارتكبت يداه من الإثم..

معجزة موسى عليه السلام

قال الولد الصغير: ولكن ما علاقة البقرة بإحياء القتيلة؟

قالت البقرة: لقد كان من عادة بني إسرائيل أن يذبحوا البقر قربانا.. والقطعة التي أخذت من البقرة ليس فيها حياة ولا قدرة على الإحياء ولكن الله سبحانه جعلها مجرد وسيلة ظاهرة تكشف عن قدرة الله التي لا يعرف البشر كيف تعمل، فهم يشاهدون آثارها ولا يدركون حقيقتها ولا طريقتها في العمل، وكذلك يحيي الله الموتى، بمثل هذا اليسر الذي لا مشقة فيه ولا عسر..

قال الولد الصغير: هذه حكمة عظيمة.. ولكن هل اعتبر بنو إسرائيل بعد ما رأوا من المشاهد والأحداث والعبر والعظات؟

قالت البقرة: لقد حدث ما يخالف ما كان يتوقع وينتظر منهم.. فلم يعتبروا ولم يتعظوا فقلوبهم أقسى من الحجارة بل هي أشد قسوة..

فهذه هي حقيقتهم على مر العصور والأزمان.. والله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.

قال الولد الصغير: شكرا لك يا صديقتي البقرة على هذه القصة المفيدة التي علمتي الكثير.

قالت البقرة: وأنا أدعو الله لك أن ينفعك بما تعلمت.

اقرأ سلسلة قصص الحيوان في القرآن

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال