روايات مصريه التبنى إحدى القصص الواقعية المصرية.. الفصل الثاني وحشة الوحدة

روايات مصريه التبنى إحدى القصص الواقعية المصرية

روايات مصريه التبنى الفصل الثاني: وحشة الوحدة

الحقيقة التي لا شيء غيرها هو أن “وفاء” كانت وما زالت تذوب عشقا في زوجها “سعيد”، وكان لزاوجها من “سعيد” قصة عظيمة ضُرب بها المثل في حي بولاق الذي تربوا فيه..

إنها “وفاء” ابنة الجيران التي طالما راقبها “سعيد” في ذهابها وإيابها من المدرسة، وخاض من أجل الارتباط بها والزواج منها معارك مع بعض شباب الحي الذي كان يطمع في القرب منها..

وبالطبع كان لأهلها نصيب من تلك المعارك التي خاضها “سعيد” من أجل الارتباط بها لكونه كان شابا فقيرا، في بداية طريقه..

لقد عرف القاصي والداني من سكان الحي أن “وفاء” “لسعيد” و”سعيد” “لوفاء”، وأخيرا تتوجت هذه العلاقة بالزواج..

إن “سعيدا” كان شابا مستو الخَلق والخُلق.. أما خَلقه فكان طويلا قوي البنية.. فارع الطول.. تعلو قسمات وجه بشاشة يلاحظها البعيد قبل القريب، وقد اكتسى وجهه بسمرة، تعلن عن مصريته الصميمة..

وأما خُلقه فكان مضرب المثل، فهو مستقيم, لين الجانب, شهم.. لا يتوانى عن خدمة من قصده في حاجة..

كل هذه المؤهلات حملت “وفاء” حملا على حبه، والارتباط به، وهو قد بادلها نفس الشعور..

روايات مصريه

هذا إذا هو السر.. الذي جعل “وفاء” تحب “سعيد” وتخلص له، والحق يقال أن هذا الحب والإخلاص أصبح عملة نادرة في زمن طغت فيه المادية والنفعية، وتلاشت فيه المشاعر، وأصبحت المنفعة المتبادلة هي الأساس في كثير من علاقات الناس، إلا ما رحم الله..

انتبه “سعيد” على صوت “وفاء” تستعجله لتناول طعام الإفطار، فالوقت يمر سريعا.. غير أن “سعيد” ما زال غارقا في التفكير.. فالأيام تمر سريعا، والسن يكبر، وفي يوم ما سوف تتزوج ابنته “صباح”، وسوف يخلو البيت، على زوجته “وفاء”..

تُرى ماذا سيكون مصير حياته الزوجية مع “وفاء”، وكيف سيواجهان الوحدة والفراغ الذي ستتركه ابنتهما “صباح” بعد رحيلها من البيت، فالزواج هو سنة الحياة، ولابد لها من مفارقة البيت الذي تربت فيه إلى بيت جديد مع زوج وأسرة وحياة أخرى..

ما أصعب الحياة وأشقها على بيت يخلو من الأولاد الذين يطفون جوا من الإنس والمرح.. لا شك أن تلك البيوت الفارغة من الأولاد هو أماكن بلا حياة..

تنهد “سعيد” تنهيدة كبيرة أخرج بها من صدره كل وساوس الشيطان التي تسللت إلى نفسه.. وراح يتمم بصوت خفيض: الخيرة فيما اختاره الله، الحمد لله على كل حال..

روايات مصريه

أخيرا اجتمعت أسرة “سعيد” على مائدة الإفطار، ها هي “صباح” أقبلت بعد أن أخذت زينتها، واختار أن تجلس بجوار أمها، وفى الجهة المقابلة جلس “سعيد”، يتناول الطعام وهو يتأمل الابنة تارة والزوجة تارة أخرى، وقد امتلأت عينه من جمال وحسن الابنة والزوجة، كما امتلأت معدته بإفطار “وفاء” الشهي..

نظر “سعيد” إلى ساعته ثم صاح منبها “صباح” هيا يا صغيرتي قبل أن تتأخري على امتحانك..

همت “صباح” وأبوه “سعيد” بالخروج من المنزل، بينما وقفت “وفاء” ترمقهما، وها هي تودعهما بقبلتين طبعت إحداها على وجنة “صباح” والأخرى على خد “سعيد”.

جلست “وفاء” في البيت بعد أن فارقها “سعيد” وابنتها “صباح” تعيد ترتيب البيت، كما اعتادت أن تفعل كل يوم، ولكن اليوم كان مختلفا، فقد لاحظت شرود “سعيد” على غير عادته، وراحت تتساءل ما الذي كان يشغل ذهن “سعيد” على الصباح؟!!

ظلت “وفاء” تفكر.. لابد أن أمر قد حدث في العمل جعله مهموما، وربما كان الأمر متعلقا بابنتنا “صباح”.. أخشى أن يكون قد حدث منى شيئا أغضبه..

جلست “صباح” على إحدى الأرائك القريبة من نافذة الشقة، وهى تتبع بنظرها زوجها وابنته وهم يغادرون الحي.. تلك الأريكة التي طالما جلست عليها “وفاء”
وهى تودع زوجها في ذهابه إلى العمل، وأيضا وهي تنتظره عائدا من منه..

أريكة لها معها ذكريات.. هكذا المحب، يتعلق قلبه بكل شيء، وكأن الله تعالى جعل قلبه آلة حب لكل شيء خلقه الله أو أبدع الإنسان..

ومع أن الأريكة جزء من الصالون الذي اشتراه سعيد أثناء تأثيث الشقة منذ أكثر من خمسة عشر سنة، إلا أنه ما يزال يحتفظ برونقه على الرغم من تواضع ثمنه..

ولم تنتبه “وفاء” من شرودها إلا على صوت قادم من خارج البيت..

خير إن شاء الله..

من الذي ينادي علىّ في هذا الوقت وماذايريد؟!!!

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال